قال رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم): " الراحمون يرحمهم الرحمن يوم القيامة, ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء "[12].
لقد دعا الإسلام إلى التراحم والتعاطف بين الناس, لتقوى الروابط الاجتماعية ويعيش العباد في امن وسلام.
والرحمة من صفات الله تعالى, وقد تحلى بها سيدنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كما تحلى بها آل بيته الطاهرون, وصحابته الطيبون والسائرون على نهجهم في كل زمان.
رحمة الله تعالى بالعباد:-
إن الله سبحانه وتعالى هو أصل الرحمة فقد قال تعالى: " بسم الله الرحمن الرحيم " وهو أرحم الراحمين وهو الغفور الرحيم, كما ورد في كثير من آيات القرآن الكريم قال تعالى: " فإن ربك غفور رحيم "[13] , وبعث رسوله صلى الله عليه وآله وسلم رحمة للعالمين قال تعالى: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "[14] , كما أمر عباده أن يرحموا بعضهم بعضا.
وإن هناك أمورا تجعل الإنسان مستحقا رحمة الله تعالى منها:-
1. طاعة الله تعالى, قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "تعرضوا لرحمة الله بما أمركم به من طاعته".[15]
2. المداومة على ذكر الله تعالى, عن الإمام علي (عليه السلام): "بذكر الله تستنزل الرحمة".[16]
3. العطف على عباد الله, قال الإمام علي (عليه السلام): " رحمة الضعفاء تستنزل الرحمة ".[17]
4. العفو عن الناس، قال الإمام علي (عليه السلام): " بالعفو تستنزل الرحمة".[18]
رحمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطاهرين بالناس:-
من مظاهر رحمته (صلى الله عليه وآله وسلم) بالناس كافة:-
1. أن الله يرحم العباد ببركة وجوده (صلى الله عليه وآله وسلم), قال تعالى:" وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم, وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون" [19] وسبق أن ذكرنا بأن الله سبحانه وتعالى إنما أرسل نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) رحمة للعالمين فقد قال تعالى: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين". [20]
2. صبره (صلى الله عليه وآله وسلم) على أذى الناس وتحمله لما صدر عنهم وهو يدعوهم إلى الهدى ودين الحق شفقة عليهم ورأفة بهم, قال تعالى: " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عندتم, حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم"[21], وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يؤثر المسلمين على نفسه حتى لا يستبقي له شيئا.
وقد سار على نهجه أهل بيته (عليهم أفضل الصلاة والسلام) فتحملوا في سبيل هداية العباد المحن والمصائب والآلام رحمة منهم وشفقة عليهم ومن أبلغ ما رويًّ في ذلك أن الإمام الحسين (عليه السلام) كان يبكي يوم عاشوراء على مصير الجيش الذي جاء لقتاله, لأنهم يدخلون النار بسبب قتله (عليه السلام), وهو سيد شباب أهل الجنة.[22]
ولم تقتصر رحمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته (عليهم السلام) على الناس فقط وإنما شملت حتى الحيوان فقد رويت وصايا كثيرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حق الحيوان كما رويَّ أن الإمام الحسن عليه السلام يأكل وإلى جنبه كلب وكلما أكل لقمة أطعم الكلب لقمة أخرى, فقيل له في ذلك فقال: إني لأستحي أن آكل وخلق من خلق الله ينظر إليَ فلا أطعمه.[23] كما رويَّ أن الإمام زين العابدين حج على ناقة له عشرين سنة ما قرعها بسوط واحد[24] .
الرحمة بين المؤمنين:-
وصف الله عباده المؤمنين بالتراحم والتعاطف فيما بينهم قال تعالى: " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم " [25].
من مظاهر الرحمة والعطف بين الناس:-
1. الشفقة بالوالدين. في وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي عليه السلام قال: (( يا علي أربع من كنّ فيه بنى الله له في الجنة من آوى اليتيم ورحم الضعيف وأشفق على والديه ورفق بمملوكه))[26]
2. العطف على الصغير. قال الإمام علي (عليه السلام): (( ارحم من أهلك الصغير ووقر الكبير )) [27]
3. العطف على الأيتام. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا علي من كفى يتيما في نفقته بماله حتى يستغني وجبت له الجنة, يا علي من مسح يده على رأس يتيم ترحما له أعطاه الله بكل شعرة نورا يوم القيامة". [28]
4. إعانة الضعفاء والفقراء والمعوزين من قبل الأغنياء والموسرين.
5. العطف على الحيوانات والبهائم من خلق الله تعالى وعدم إيذائها